دعت الندوة الافتراضية الموسعة التي عقدتها مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ممثلة في الفهرس العربي الموحد بعنوان: “إدارة التحول في المكتبات الأكاديمية في عصر التعليم الإلكتروني” إلى ضرورة أن تتبنى المكتبات العربية نماذج عمل مرنة، تمكنها من التركيز على خدمات المستفيدين بشكل رئيسي والمشاركة في مشاريع التعاون المكتبية، لتحمل أعباء التشغيل التقني، مع المكتبات الأخرى، ووجوب تعزيز وتفعيل التكامل بين المكتبات الأكاديمية، وعمادات التعليم الإلكتروني والتعلم عن بعد.
الندوة التي استمرت لمدة يومين 28-29 سبتمبر 2020م بمشاركة عدد من عمداء ومدراء المكتبات الأكاديمية، ومختصون بالتعليم الإلكتروني، وعلوم المكتبات والمعلومات، دعت كذلك إلى ضرورة أن يواكب تطوير الكوادر البشرية العاملة في المكتبات الأكاديمية ومراكز المعلومات مع التغيرات الكبرى في طبيعة عمل المؤسسات الأكاديمية وتأهيلهم بالمهارات اللازمة للتعامل مع التطبيقات التقنية الحديثة.
وكان معالي المشرف العام على مكتبة الملك عبدالعزيز العامة الأستاذ: فيصل بن عبدالرحمن بن معمر قد افتتح الندوة بكلمة استعرض فيها جهود مكتبة الملك عبدالعزيز العامة والفهرس العربي الموحد في التحولات الرقمية بالمكتبة التي تواكب كل مستجدات التقنية في العالم لتقديم أرقى الخدمات للمستفيدين، مشيدا في البداية بدعم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظهما الله- وسمو وزير الثقافة الأمير بدر بن فرحان آل سعود -حفظه الله- لمكتبة الملك عبدالعزيز العامة بجميع أنشطتها ومشاريعها ومنها الفهرس العربي الموحد لخدمة المكتبات والجامعات في الوطن العربي وخدمة الثقافة العربية والإسلامية وفق رؤية المملكة 2030.
وأكد ابن معمر في كلمته على أن الفهرس موجه لكل ما له صلة بالعالم العربي والحضارة العربية كما أشار إلى إطلاق حزمة من الخدمات السحابية التي تتوافق مع رؤية ومهمة الفهرس العربي الموحد بأن يكون منصة للخدمات المعرفية العربية تمكن أعضاءه من تقديم خدمات حديثة ومبتكرة.
وقال ابن معمر: إن المكتبات الأكاديمية هي إحدى المكونات الرئيسية للعملية التعليمية والبحثية التي لا يمكن الاستغناء عنها، فقد كان عليها الاضطلاع بدورها الإيجابي في دعم جودة خدمات التعلم في مؤسساتها للوفاء بمتطلبات التعليم الإلكتروني. وفي ختام كلمته قدم ابن معمر الشكر لكل مكتبة عربية وكل خبير عربي متخصص في المكتبات وقدم الرأي بالملاحظة أو المعاونة أو النقد.
وقد استهلت الندوة جلساتها التي استمرت على مدار يومين وأدارها في اليوم الأول د. عبدالكريم بن عبدالرحمن الزيد نائب المشرف العام على مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، وأدارها في اليوم الثاني د. صالح بن محمد المسند مدير مركز الفهرس العربي الموحد الذي تحدث أيضا عن: الفهرس العربي الموحد : منصة الخدمات المعرفية العربية.
حضور معلوماتي:
وأشار الدكتور عبدالكريم الزيد إلى أن الندوة تعقد من أجل الدفع بعجلة التعليم ورصد المعلومات ودعمها وكل ما يخدم المكتبات العربية، كما أوضح أن المكتبة أصبحت من الأيقونات الجديدة في عالم المعرفة والثقافة والحضور المعلوماتي المتخصص على مستوى العالم، ولديها مبادرات رائدة نقدمها لدعم الثقافة والمعرفة وتقنية المعلومات والرصد العلمي الإلكتروني.
وتحدث الدكتور صالح بن محمد المسند عن دور الفهرس العربي الموحد في الفضاء المعرفي العربي ورأى أن هناك تحديات تواجه تطبيق المعايير الدولية في مجال تنظيم المعلومات ومواجهة التطبيقات التقنية الحديثة وتطوير الكوادر البشرية التي تستطيع الإفادة من التقنية، وهذا برز في مرحلة كورونا التي نعيشها هذه الأيام.
وأوضح أن الفهرس العربي الموحد اعتمد على التنسيق والتعاون والتشارك في المعلومات، والخدمات المتطورة، ومعالجة بعض التحديات مثل قصور المعلومات.
مشيرا إلى أن الفهرس حقق نجاحات متميزة على مستوى التنظيم وعلى المستوى الرقمي وحفظ التراث وخدمة التراث العربي والإسلامي، دوره مهم في تطبيق التقنيات والمعايير المعلوماتية، وسوف ينتقل قريبا إلى استخدم الإطار الببليوجرافي لتنظيم المعلومات متى ما اعتمد من قبل المكتبات العالمية.
وقدم عددا من الإنجازات منها: المكتبة الرقمية العامة، بوابة الفهرس العربي الموحد، وهو اليوم منصة للخدمات المعرفية، وتحقيق مبادرات الوصول الحر، ومبادرة الفهارس الوطنية.
وقال د. منصور الزامل عميد عمادة شؤون المكتبات، جامعة الملك سعود: في ورقته: تحديات المكتبات الأكاديمية في دعم التعليم الإلكتروني: ما لمسناه في أرض الواقع من خلال الجائحة كورونا التي أثرت على العالم سلبا. أن الباحثين والمستفيدين أصبحوا في زيادة مضطردة بحثا عن المعلومة والمصدر وقد أتيحت الكثير من المصادر حتى بالمجان. حتى إن دور نشر عالمية كانت تنظر للربح على أنه الهدف الأول أصبحت تتيح بياناتها ومعلوماتها بالمجان .
وقال أ. محمد عبدالله حسام الدين مدير قسم إدارة الأصول المعرفية (نسيج): في بحثه التغيير نحو المستفيد: المكتبات هي كائن ينمو وقدرتها على التكيف ، هناك مكتبات تقدم كتبا، وهناك مكتبات تقدم خدمات، وهناك مكتبات تعمل على البناء وتبني مجتمعات وهي مكتبات عظيمة، وأن التحديات التي تمر بالمكتبات ليست مقصورة على المكتبات العربية بل هي ظاهرة في مكتبات العالم، ورأى أن الوضوح والوعي والرؤية لابد منها لمواجهة التحديات التي تعترض المكتبات.
وبين د. منصور منصور الخبير استراتيجي في مجال تكنولوجيا التعليم والابتكار بالولايات المتحدة الأمريكية الذي تحدث عن دور المكتبات في زمن التعلم الإلكتروني: أن التعلم عملية مستمرة مدى الحياة، عبر استراتيجيات التعلم الإلكتروني، استراتيجيات الابتكار والهجين والمرن استراتيجيات استشراف المستقبل، وقدم تجربته في هذا المجال القائمة على تبني إتقان المهارات والتعلم المبني على الكفاءة، وعرض استراتيجيات إدارة المعرفة والاستفادة من مستودع الخدمات التعليمية في إطار التكامل بين التعليم الإلكتروني والمكتبات الأكاديمية.
حلول سحابية:
وتحدث أسامة البيك مدير التطوير والابتكار (نسيج): عن الحلول السحابية لإدارة المكتبات الأكاديمية، أن هناك منظومة تسمى: مداد لإدارة المكتبات الأكاديمية وهي منصة يقدمها الفهرس العربي الموحد، بالشراكة مع نسيج لتطوير المحتوى الرقمي للمكتبات العربية، وهي خدمة سحابية تدار باستخدام أفضل الممارسات وتخضع لمعايير الحماية والتطبيق وجعل خدماتها أكثر سهولة أمام المستفيدين.
وتحدث د. سعود الصلاحي (مستشار نائب وزير التعليم) عن دور المكتبات الرقمية في تعزيز بيئات التعلم في ظلال التطور التقني الهائل الذي يواجه المجتمعات، ووجدت المكتبات الرقمية بسبب التطور التقني للمستفيد نفسه، وهي أحد الأساليب السريعة لخدمة المستخدمين، كذلك التصارع المعرفي وغزارة البيانات بشكل متتابع والتدفق المعلوماتي الهائل كما في مواقع التواصل الاجتماعي.
أما د. خالد الحبشي مدير المكتبة ومركز مصادر التعلم ، جامعة الخليج العربي فقال: نشجع على القراءة الرقمية ، وسوف تتغير القراءة في المكتبة التقليدية في المستقبل المنظور وهذا سيكون له تأثيره على البحث العلمي الذي تتحقق فيه مستويات الجودة ، وأضاف أن الفهرس الأكاديمي الخليجي الموحد هو مشروع سيرى النور بالتعاون مع الفهرس العربي الموحد.
وتحدث د. سعد بن علي الأحمري عميد عمادة تقنية المعلومات والتعليم الإلكتروني، عن تجربة جامعة شقراء، التي استطاعت الاستفادة من حاجة الجامعة للتعليم الالكتروني خلال الجائحة، وأعطى نبذة عن جامعة شقراء، التي أنشئت في 1430هـ وموزعة في 8 محافظات شمال غرب الرياض، وبها ما يقارب 24 كلية و32 ألف طالب وطالبة. و1700 عضو هيئة تدريس. ونشرت 1299 بحث علمي محكم.
وأوضح أن نظام التعليم الالكتروني فيها واكب المستجدات حيث توجهت لنظام مفتوح المصدر بهدف توطين صناعة البرمجيات، وترشيح منسقين للتعليم الإلكتروني وتقديم مستوى جودة عال في جميع الكليات.
وفيما ركزت د. إلهام عبدالله مسؤولة المكتبة الجامعية المساعدة للخدمات العامة والبحث، جامعة الروح القدس، الكسليك، على إبراز تجربة جامعة روح القدس الكسليك في تقديم الخدمات المرجعية عن بعد، أكدت د. إيمان محمد مساعد مدير الخدمات الفنية ، بالفهرس العربي الموحد على أن العالم كله يتطور وتحدث فيه تحولات بشكل متلاحق، وتأثر بشكل ملحوظ مجال المكتبات وهناك مبادرة البيانات المترابطة، وعدة مشروعات تقنية، والإطار الببليوجرافي التي بدأت تصدرها مكتبة الكونجرس، وهذا تأثر به مجال المكتبات، بحيث لا تكون هناك عزلة عن المستجدات. وقام الفهرس بتقوية أكاديميته لتأهيل أخصائي المعلومات العرب عبر منصتهم الرقمية عبر إدارة الجودة وإدارة المشروعات وإدارة الموارد البشرية.
والجدير بالذكر أنه أقيمت ثلاث ورش ودروة تدريبية على هامش الندوة استفاد منها المختصون من جميع الدول العربية.