تسعى الولايات المتحدة الأميركية إلى منع النظام الإيراني والحرس الثوري من الوصول إلى الأموال لنشر أنشطتها ” الخبيثة” في المنطقة، مثل دعم نظام الأسد وانتهاكاته بحق الشعب السوري، واستخدام الصواريخ البالستية ضد الدول المجاورة، ودعم الجماعات الإرهابية وعلى رأسها حزب الله.
وقد كشف تقرير لوزارة الخارجية الأميركية عن الأنشطة غير المشروعة والحيل التي تستخدمها إيران لتمويل أعمالها الإرهابية في العالم، مما يهدد سلامة وأمن النظام المالي الدولي.
وبحسب الفصل الرابع في التقرير، يستخدم النظام الإيراني الشركات الوهمية وأنواع أخرى من الكيانات التي تبدو شرعية لنقل الأموال إلى الكيانات الإرهابية في الدول الأخرى.
وأشار التقرير الأميركي إلى أن فيلق القدس، ذراع الحرس الثوري الخارجي، أنشأ شبكة من الشركات لاستغلال سوق صرف العملات في الإمارات لشراء وتحويل مئات الملايين بالدولار، وقامت هذه الشبكة بتزوير الوثائق وإخفاء سلوكها وراء أعمال مشروعة، مما دفع أميركا لوضع 9 كيانات على علاقة بهذا النشاط على قوائم الإرهاب.
وفي مخطط آخر، استخدم فيلق القدس مؤسسة دينية ظاهريا، منظمة إعادة إعمار الأضرحة المقدسة في العراق، لتحويل ملايين الدولارات لتعزيز مصالح الحرس الثوري الإيراني في العراق، كما كانت بمثابة قاعدة ساعدت المخابرات الإيرانية في شحن الأسلحة والذخيرة للميليشيات العراقية الموالية لها.
وبحسب التقرير، سرق مسؤولو الحرس الثوري أموال هذه المنظمة وتبرعات العامة المخصصة لبناء الأضرحة، لتمويل أعمالهم الإرهابية، لذلك وضعت واشنطن في مارس الماضي، 9 أشخاص على قوائم الإرهاب على صلة بهذه المنظمة، لوقف هذه الطريق.
كما قام البنك المركزي الإيراني بالتنسيق مع صندوق التنمية الوطنية الإيراني لتزويد الحرس الثوري الإيراني بمئات الملايين من الدولارات في شكل مدفوعات نقدية، لذلك وضعت واشنطن الصندوق والبنك المركزي الإيراني على قوائم الإرهاب في سبتمبر 2018.
بالإضافة إلى كل ذلك حرم النظام الشعب الإيراني من عائدات النفط، واستخدامها لتمويل المنظمات الإرهابية الموالية له، ففي سبتمبر 2019، كشفت وزارة الخزانة عن شبكة شحن نفط كبيرة كان يديرها ويدعمها مالياً الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، وكان يشرف عليها مسؤول كبير في الحرس الثوري الإيراني ووزير البترول الإيراني السابق رستم قاسمي، تم استخدامها لنقل نفط بملايين الدولارات إلى نظام الأسد وحزب الله.
وسمح نظام الوسطاء المعقد للشبكات لقوات الحرس الثوري بالتعتيم على مشاركتها، واعتمدت المنظمة بشكل كبير على مسؤولي حزب الله والشركات الأمامية للتوسط في العقود المرتبطة، لذلك قرر الرئيس ترامب في سبتمبر 2019، وضع 16 كيانا و10 أفراد لوقف هذه العمليات.
ولم تقتصر جهود فيلق القدس لاستغلال النظام المالي الدولي على استخدام الشركات والمنظمات لتمويل أعماله الخبيثة، بل وصلت إلى حد طباعة وتزيف العملات، كما حدث في 2017، عندما قام بشراء معدات من ألمانيا استخدمها في تزييف العملة اليمنية لدعم جماعة الحوثي وإطالة أمد الصراع، وفقا لتقرير الخارجية الأميركية.
ووجد تقرير لفريق من الخبراء التابع للأمم المتحدة في اليمن في 2019، أن الإيرانيين يستخدمون وسطاء لشحن الوقود بشكل غير قانوني إلى الحوثيين، وتمويل جهودهم الحربية وإدامة الصراع في اليمن.
كما تلعب الخطوط الجوية التجارية الإيرانية، ولا سيما شركة “ماهان إير”، دورا رئيسيًا في نقل عملاء الحرس الثوري والأسلحة والمعدات والأموال التي تغذي الصراعات الإقليمية، وبسبب هذا الدور المهم للشركة، دبر الحرس الثوري مؤامرة واسعة للتحايل على العقوبات الأميركية، التي تحظر تصدير قطع غيار الطائرات لهذه الشركة.
تضمنت الخطة سلسلة من الشركات الواجهة، وبعد التحقيق في هذا النشاط، وضعت الخزانة الأميركية 9 أفراد وكيانات على قوائم الإرهاب في مايو 2018.
كانت واشنطن قد وضعت شركة “ماهان إير” على قوائم الإرهاب في عام 2011، لتقديمها الدعم للحرس الثوري، وقد أوقفت العديد من البلدان في أوروبا والشرق الأوسط رحلات الشركة في السنوات الأخيرة بسبب مخاوف بشأن أنشطتها.
بالإضافة إلى كل ذلك، فشلت طهران باستمرار في تنفيذ المعايير الدولية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، على النحو الذي حددته مجموعة العمل المالي، وفشل النظام الإيراني في الوفاء بالتزاماته، لذلك حددت مجموعة العمل المالي إيران على أنها عالية المخاطر وغير متعاونة ودعت أعضاء مجموعة العمل المالي إلى اتخاذ خطوات لحماية النظام المالي الدولي من المخاطر الناشئة من إيران.
وطوال عام 2019، نوقش قرار الامتثال لتدابير مجموعة العمل المالي داخل إيران، وأدرك المسؤولون أن الاستمرار في انتهاك المعايير سيؤثر سلبًا على المعاملات المشروعة، وفي مارس من نفس العام، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إن “عدم الانضمام إلى مجموعة العمل المالي سيجعل بلا شك تجارة إيران الدولية أكثر صعوبة، وفي بعض الحالات، مستحيلة”.
من عام 2016 حتى فبراير 2020، علقت مجموعة العمل المالي دعوتها لاتخاذ تدابير مضادة ضد إيران ردًا على التزام سياسي رفيع المستوى من الحكومة الإيرانية بتنفيذ بعض الإصلاحات في خطة عمل من عشر خطوات، ولكن فشل النظام في تنفيذ 9 من بنود الخطة، مما دفع مجموعة العمل الدولة إلى فرض تدابير مضادة النظام المالي في إيران.
وعلى مدار أكثر من 4 عقود، حرم النظام الإسلامي في إيران الشعب من موارد بلده، واستغلها في أعماله الإرهابية، حتى أصبح الإيرانيون يعانون من مشاكل اقتصادية كثيرة ومن انهيار العملة، وقد خرجت مظاهرات كثيرة تطالب بإسقاط النظام، تعامل معها بوحشية وقتل المئات منهم كان آخرها في 2019.