نظمّ الإدارة العامة للأمن الفكري والوسطية والاعتدال بشؤون الحرمين جلسة حوارية عبر خاصية الاتصال المرئي، وذلك بعنوان “الحوار في الحج” ضمن برامج الإدارة العامة خلال موسم حج هذا العام.
وأكد مدير الإدارة العامة للأمن الفكري والوسطية والاعتدال الشيخ علي النافعي، أثناء افتتاح اللقاء أن المملكة -رعاها الله- تولي الحوار عناية واهتمام كبير من خلال تأصيله وتعزيزه لمحاربة الفكر الضال ونشر منهج السلف الصالح القائم على الوسطية والاعتدال، مشيراً إلى أن الدولة أصلّت للحوار من خلال تأسيس مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني والعديد من المراكز المتخصصة في هذا الجانب.
وأكد النافعي أن الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي تهتم بالحوار وأساليبه ودوره في تعزيز الأمن الفكري والوسطية والاعتدال ونبذ التطرف، واستعرض في اللقاء الذي ضم نخبة من الباحثين في الحوار، مفهوم الحوار وجوانبه المشرقة في الحج، والفرق بينه وبين الجدال، وتحدث عن آدابه ومهاراته.
وتحدث رئيس قسم التربية الإسلامية بالإدارة العامة للتعليم بمكة المكرمة الدكتور سعد العتيبي عن “مفهوم الحوار وآثاره في الحج والفرق بينه وبين الجدال” حيث أكد أن الحوار فن من فنون الكلام والتواصل بين الناس، ومقتضى من مقتضيات العلاقات، كما يعكس العلاقة بين الشعوب ويعكس ثقافتها، مبيناً الفرق بين الحوار والجدال، فالجدال منهي عنه خصوصاً في الحج، بالإضافة إلى أن الحوار يغلب عليه الهدوء، أما الجدال يغلب عليه العناد والخصومة والاستبداد بالرأي، كما أن الجدال يبدأ بالحوار ويخرج عن ذلك بالخصومة.
وبين أن الحوار يهدف للوصول إلى الحق وتبيينه، أما الجدال فالهدف منه إلزام الخصم بالتنازل عن الرأي، كم أن الحوار يكون بالعلم والبينة والبرهان، والجدال إفحام الخصم بلا بينة ولا برهان، مؤكدا أن مناقشة المسائل الفقهية في الحج ليس مذموماً، والمبايعة والمراجعة عند الشراء ليست جدالاً ولا إثم فيها.
وأفاد أن من فوائد وآثار الحوار في الحج هي الدعوة إلى الله في الحج وغيره، وتبيين وجهات النظر المختلفة بالحوار والمناقشة، تحسين علاقة المسلمين ببعضهم، وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
بعد ذلك تحدث المستشار في التحصين الفكري الشيخ الدكتور أحمد الجيلان عن “حوارات فكرية إيجابية في رحاب المشاعر المقدسة” حيث أكد في بداية حديثه أهمية ما نعيشه في المملكة من نعمة العقيدة والأمن والأمان، والحرمين الشريفين والتلاحم بين الراعي والرعية.
وأشار الدكتور الجيلان إلى أن القرآن الكريم مليء بالحوارات، وهو مما يقوي الأمن الفكري لدوره في تصحيح المفاهيم، وهو من الأساليب الناجحة للوصول إلى الحق، كما أن هناك تنوع في زوار وعمار الحرمين الشريفين والحوار معهم يزيح الفروقات والخلافات بين الشعوب، وقد تحاور الله مع الملائكة كما حاور الله الأنبياء، وتحاور الأنبياء مع أقوامهم ليبينوا لهم حقيقة التوحيد، وتحاور يوسف مع صاحبي السجن، ولنا في النبي صلى الله عليه وسلم مثالاً في الحوار والتعايش فقد تحاور حتى مع الذين أساؤوا إليه، وحاور النساء والاطفال، وحاور غير المسلمين، فهو قدوة لنا في الحوار.
وأضاف أن القصد من الحوار الوصول للحقيقة وهذه أهميته، كما أنه يغير الصورة النمطية الخاطئة، كما أن الرسائل المختصرة التي تنشرها الرئاسة في الحرمين الشريفين بعدة لغات هي نوع من الحوار ولها أثرٌ بالغ في نفوس ضيوف الرحمن، وموسم الحج فرصة عظيمة لتغيير الأفكار السيئة بالحوار.
ثم تحدث وكيل الرئيس العام للشؤون العلمية والفكرية الشيخ الدكتور ناصر الزهراني عن “مهارات الحوار وآدابه”، مؤكداً في الوقت ذاته أن الرئاسة وضعت الحوار مرتكزاً من مرتكزات تعزيز الأمن الفكري ونشر ثقافة الوسطية والاعتدال من خلال تعزيز ثقافة الحوار في المجتمع، وهذا ينطلق من رؤيتها النابعة لنشر الهداية للعالمين.
وأوضح أن الحرمين الشريفين هما أصل الإيمان، ومصدر الاطمئنان ومنبع الأمان عموما، ومن أنواعه أمان الفكر، ونشر الحوار حيث تحاور النبي صلى الله عليه وسلم مع صحابته الكرام في المسجد النبوي الشريف، وبينّ أن قدوتنا في مهارات وآداب الحوار هو نبينا المصطفى، وتحاور الأنبياء في القرآن مع أقوامهم وصبروا على أذاهم، ولم يردوا نفس الرد وإنما تجاوزوا الإساءة بالإحسان وحاوروا أقوامهم، والبعض يعتقد أن الحوار أخذ وعطاء وهو ليس كذلك فقد يكون الحوار بكلمة تدل على الحق، كما أن كل إنسان منا يتعامل مع الحجيج فهو يتحاور معهم، وأهم حوار مع ضيوف الرحمن الذين تختلف لغاتهم وثقافاتهم هي الابتسامة وهي أول مدخل للحوار.
وذكر الدكتور الزهراني أن من منافع الحوار نقل الصورة الحسنة والمشرقة عن المملكة وقيادتها وشعبها والعاملين في خدمة الحجيج للعالم أجمع، مبيناً أن من مهارات الحوار الإعداد النفسي والاسترخاء الذهني والبحث عن الموضوع، والإعداد المسبق، واختيار المكان المناسب لإقامة الحوار، واختيار الوقت المناسب حتى لا يتعرض الحوار للقطع، وعدم إزعاج الآخرين وتنفيرهم عن الحوار، ومراعاة أحوال الآخر فالحوارات الفكرية تراعي ذلك، والنبي راعى ذلك في حواره كثيراً ومعرفة مواطن الخلاف حتى يتم حلها عن طريق الحوار.