واس – إعداد: محمد آل فيه. تصوير: فهد العساف
في الجهة الغربية من مدينة تبوك شمال غرب المملكة يُضفي الموقع والتكوين والشواهد المنقوشة على صخور “جبل السفينة” جمالاً طبيعيًا وبعدًا جيولوجيًا لهذا الجبل الصخري الذي اكتسب تسميته من تفاصيل تكوينه التي تبدو للناظر كأنها هيئة سفينة راسية في صحراء رملية تتخللها هضاب وجبال من الحجر الرملي.
ويتربع جبل السفينة كما يُطلق عليه على “صحراء حِسْمَى” الحاضرة في سجل التاريخ، فقد كانت هذه الصحراء منذ الأزل محطة على طريق التجارة القديم من وإلى جزيرة العرب ومرت بها القوافل والركبان على امتداد الحضارات الإنسانية المتتالية ، وهذا ما يفسر تنوع وكثرة النقوش الأثرية على صخور الجبل، في حين تردد ذكر حِسمى في الشعر الجاهلي والإسلامي.
ويصف المؤرخون “جبل السفينة ” بالمدونة الزاخرة بالنقوش الثمودية التي تعود لأكثر من 2600 عام كذلك الكتابات العربية لفترة ما قبل الإسلام وبعده في زمن مبكر مرورا بالعصور الإسلامية المتلاحقة، فلا يكاد يخلو جزء من الجبل إلا ونقش الثموديون والعرب القدماء دلائلهم عليه، كذلك جمل كتبها أصحابها بالخط الكوفي الأول بدون تنقيط في القرن الأول للهجرة كنوع من التوثيق رحلاتهم وأحوالهم.
ومن العبارات المنقوشة القديمة عبارة تقول: “اللهم اغفر لمحمد بن إبراهيم بن نافع مولى أبو هريرة ذنبه العظيم”، وهي مؤرخة في سنة عشرين ومئة، ونقش آخر قال: “أنا عمر بن سويد أوصي كل ذي علم أن ينفع بعلمه”، وهي جزء من نقوش دلت على ما يضمه هذا الجبل من إرث تاريخي ذي أهمية للباحثين في أسبار التاريخ وتطور اللغة العربية.
وكان في الموقع السبق في اكتشاف بعض النقوش العربية عرفت فيما بعد بـاللهجة الحسمائية وهي لهجة عربية شبيهة باللهجة النبطية وتعد أول كتابة عربية ترتبط فيها الحروف ببعضها كما الخط الكوفي، ويشبه الحرف الحسمائي الحرف الصفائي إلا أنه متميز عنه بموقعه وتاريخه.