تقرير – سالم خلف العنزي
قدَّم الهلال الأحمر السعودي نماذج مضيئة، وأعمالاً محورية مهمة خلال جائحة كورونا الحالية، إلى جانب مهامه اليومية الاعتيادية. ولو عدنا للوراء قليلاً سنجد أن هذا الجهاز تأسس كجمعية للإسعاف الخيري إبان الثلاثينيات من القرن الماضي، وكانت المهمة الرئيسية هي تقديم المساعدة الإسعافية لحجاج بيت الله الحرام على يد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله -، وكان تحت مظلة مصلحة الصحة العامة والإسعاف.
ومع تطوُّر الحرب اليمنية – السعودية (حرب الحديدة)، وانتشار المعارك في جبال عسير، تم إنشاء جمعية الإسعاف الطبي الوطني التي تُعتبر أول كيان مستقل للإسعاف، وكانت مهمتها دعم الجيوش المجاهدة في تلك الحرب.
وفي منتصف القرن الماضي تحوَّلت إلى جمعية الهلال الأحمر السعودي. ومع بدايات الألفية الجديدة تم تعديل اسمها إلى هيئة الهلال الأحمر السعودي.
وتاريخيًّا يُعتبر الهلال الأحمر السعودي من أولى المنظمات التي تُعنى بالخدمة الصحية حتى قبل إنشاء وزارة الصحة السعودية. وهو أحد مكونات هذا المجتمع التي كانت – وما زالت – أحد أهم صمامات الأمان الصحي والإنساني، فأينما تلتفت تجد بصمة لهذه الهيئة وكوادرها.
وفي عام 2005، وعند بدايات أحداث الإرهاب المتشدد التي طالت أبناءنا وإخواننا، كانت فرق الهلال الأحمر السعودي تقوم بمعالجة ونقل الضحايا من المواقع.
ويتكرر هذا المشهد بشكل سنوي في الحج والعمرة، وعلى الطرق السريعة؛ إذ يقدم خدمات لا يمكن وصفها.
وبالأمس القريب في موسم الرياض، الذي حول أنظار العالم إلى الرياض، كان الهلال الأحمر السعودي بفرقه الإسعافية يقوم بدور في تغطية المواقع والفعاليات.
وفي عام 2020م قدمت هيئة الهلال الأحمر السعودي نفسها للمجتمع الصحي والمجتمع بشكل عام بعقلية مختلفة تمامًا، فلم تكتفِ بأن تلبي النداء حين الطلب بل قامت بوضع إمكانياتها كلها بطريقة متطورة وعصرية، مع استفادة من الثورة المعلوماتية والتحول الرقمي لتذليل كل الصعوبات أمام المواطن والمقيم. وتصدرت مبادرتها بمنح تصريح لكل من يحتاج للوصول إلى المستشفى في وقت حظر التجوُّل المفروض في هذه الفترة لمواجهة هذه الكارثة المستجدة؛ إذ تحولت من الاستجابة الطبيعية التي يقوم بها أغلب قطاعات القطاع العام إلى المبادرة والإبداع، يدعمها في هذا بنية تحتية معلوماتية متقدمة؛ فلم يعد الخط الساخن 997 هو القناة الوحيدة للوصول للخدمة.
وسارعت هيئة الهلال الأحمر بتبني التقنية، وطورت تطبيق “أسعفني” للأجهزة الذكية الذي يستخدم غرفة عمليات وقاعدة بيانات متطورة على مدار الساعة، إلى جانب استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشتى أنواعها لتقديم كل ما من شأنه تسهيل وتخفيف الألم على مواطني ومقيمي هذا البلد المعطاء.
وبقراءة سريعة لإنجازات هذا الجهاز الحكومي الذي تصدر المشهد بكوادر وطنية، وما بين البدايات البسيطة والمتواضعة لهذا الكيان الوطني، وما أصبحت عليه الهيئة من إمكانيات وقدرات، تضاهي مثيلاتها في الدول المتقدمة، هناك العديد من الرجالات الذين بذلوا الوقت والجهد في خدمة هذا الكيان، وأسهموا في وضع لبناته التطويرية وبرامجها للتحول الوطني، ورؤية 2030، ورفع قدرات ومهارات كوادرها البشرية حتى تؤدي دورها بأعلى درجات الجودة والكفاءة.