سجّل عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد الأحد ارتفاعا كبيرا في أوروبا وخصوصا في إيطاليا حيث بات الوضع “مأساويا”، بينما يبدو أن موجة ثانية من الإصابات تجتاح آسيا تزامناً مع توجه الأنظار صوب القارة الإفريقية.
وفي الأثناء، تعم العالم تعليمات على غرار “الزموا منازلكم” و”أغلقوا كل شيء” لمنع التواصل والتجمّعات التي تشجع انتشار فيروس كورونا المستجد، في وجه وباء عالمي يتقدم بسرعة وخلّف حصيلة مروعة في إيطاليا.
وفي ألمانيا، حظرت المستشارة أنغيلا ميركل الأحد التجمعات لاكثر من شخصين في الأماكن العامة لمدة “أسبوعين على الأقل”.
وبعد وقت قليل، أعلن المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن سايبرت أن ميركل قررت عزل نفسها في منزلها بعدما عالجها طبيب تبين لاحقا أنه مصاب بفيروس كورونا المستجد.
ومن ووهان الصينية إلى بوليفيا، مرورا بفرنسا ونيويورك، وضع ما يزيد عن 900 مليون شخص في الحجر المنزلي لتفادي التقاط الفيروس الذي أصاب حتى الآن أكثر من 300 ألف شخص في العالم، نصفهم في أوروبا.
وأودى المرض بحياة أكثر من 13 ألف شخص بينهم أكثر من 7500 في أوروبا.
وتشهد إيطاليا، البلد الأكثر تأثرا بالفيروس، سيناريو كارثيا يثير مخاوف جميع الدول الأخرى إذ يبدو أن السلطات لم تعد قادرة على السيطرة على العدوى في بعض المناطق فيما استنفذت المستشفيات إمكاناتها.
وسجّلت إيطاليا ثاني أعلى حصيلة وفيات يومية الأحد لتعلن عن 651 وفاة جديدة، لتناهز الحصيلة الإجمالية لديها 5500 وفاة.
وأعلن رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي ليل السبت الأحد وقف “أي نشاط إنتاجي على الأراضي لا يكون ذا ضرورة قصوى”، على أن يتم الإبقاء على الخدمات العامة والقطاعات الاقتصادية الأساسية فقط.
وقبيل ذلك، قال رئيس بلدية بيرغامو ورئيس لومبارديا إن الوضع “يتحول إلى مأساة”.
وفي اسبانيا، البلد الثاني لجهة عدد الإصابات في أوروبا، ارتفعت حصيلة الوفيات إلى 394 خلال 24 ساعة لتبلغ الحصيلة الاجمالية 1720 منذ ظهر الوباء كما أعلنت وزارة الصحة الأحد.
ودخل مستشفى ميداني ضخم الخدمة في العاصمة مدريد، كما طالبت الحكومة بتمديد إجراءات العزل حتى 11 نيسان/ابريل.
وأما في فرنسا، فارتفع عدد الوفيات ليبلغ 674 مساءً.
ولخص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الوضع بالقول إن “الموجة وصلت” محاولا بذلك تحضير الناس نفسيا لتمديد العزل.
وفي بريطانيا المجاورة، تبدّل الموقف.
فحذر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من أن انتشار الوباء “يتسارع” في المملكة المتحدة وطلب من السكان “الأكثر ضعفا البقاء في منازلهم ثلاثة أشهر”.
وقال إن “الأرقام تشكل صدمة وتتسارع”.
بدورها، أعلنت اليونان فرض قيود على الحركة في جميع أنحاء البلاد.
وفي موسكو أعلن الجيش الروسي الأحد إرسال نحو مئة من علماء الفيروسيات الروس العسكريين “من أصحاب الخبرات” إلى إيطاليا.
موجة ثانية في آسيا
ويتقلص بشكل متسارع عدد الدول التي لم يصلها الفيروس، بينما أعلنت رومانيا الأحد أول وفاتين بالمرض فيما أعلنت قبرص عن أول حالة وفاة على أراضيها بكوفيد-19.
وبينما يخضع ثلاثون بالمئة من سكان الولايات المتحدة للحجر، أعلن مكتب السناتور الأميركي الجمهوري راند بول الأحد أنه أصيب بكورونا المستجد، ليصبح بذلك أول عضو في مجلس الشيوخ تتأكد إصابته بالفيروس.
كما حذّر رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلاسيو من أن المعدات الضرورية لعمل المستشفيات لا تكفي سوى لبضعة أيام في ظل تفشي وباء فيروس كورونا الذي شبهه بالكساد الكبير.
وفي أميركا اللاتينية، أمرت بوليفيا بالحجر المنزلي الإلزامي الأحد، وفرضت تشيلي حظر تجول ليلي.
وتعد البرازيل البالغ عدد سكانها 210 ملايين نسمة البلد الأكثر تأثّرا بالمرض في المنطقة “1128 إصابة بينها 18 وفاة”.
وبالرغم من أن الرئيس اليميني المتشدد جايير بولسونارو عمد إلى التقليل من خطورة الوباء والتنديد بـ”الهستيريا” حول كوفيد-19، بادر حاكما ساو باولو وريو دي جانيرو، الولايتان الأكثر تأثّرا بالوباء، إلى فرض قيود على السكان.
وبعدما تخطى عدد الإصابات في آسيا 95 ألفا، تسري تساؤلات بشأن إن كانت القارة تشهد موجة ثانية من انتشار الوباء.
وسجلت الصين تراجعا مطردا في عدد الإصابات بكوفيد-19 منذ أسبوعين، لكنها أعلنت 46 اصابة جديدة الأحد.
ورغم أن 45 منها مستوردة، إلا أن ذلك يظهر أن مهد الوباء ليس بمنأى عن الانتكاس.
وفي الهند، فرض حظر تجول وطني على الملايين بشكل اختباري الاحد في البلد البالغ عدد سكانه 1,3 مليار نسمة، وحيث تم إحصاء 320 إصابة، فيما يُعتقد أن الأرقام الفعلية أعلى بكثير.
وأعلنت أفغانستان، البلد الذي تمزقه الحرب منذ عقود، تسجيل أول وفاة بفيروس كورونا المستجد الأحد.
ورغم هذا الوضع، لم تفرض إيران حتى الآن حجرا منزليا بالرغم من مدى تفشي المرض فيها مع وصول عدد الوفيات إلى حوالى 1700.
من جهتها، أعلنت السلطات العراقية في بيان الأحد فرض حظر للتجول في عموم محافظات البلاد بعد وفاة 20 شخصاً بالفيروس، وتواصل ارتفاع أعداد المصابين به.
وسجلت الأحد أول إصابتين بكورونا المستجد في غزة، القطاع الفلسطيني المقطوع عن العالم والمكتظ بالسكان والذي يمكن، كما حذرت الأمم المتحدة مؤخرا، أن يؤدي انتشار الوباء فيه إلى كارثة.
قنبلة موقوتة
وبقيت افريقيا حتى الآن بين المناطق الأقل تأثرا بالوباء.لكن تسري شكوك بشأن مدى تمكنها من البقاء كذلك.
وأعلنت رواندا عزل السكان وإغلاق حدودها لاحتواء الوباء.
وقال المتحدث باسم حكومة زيمبابوي نييك مانغوانا تعليقا على الحشود الذي ذهبت إلى الكنائس في العاصمة هراري رغم منع التجمعات التي تشمل أكثر من 10 أشخاص، “لنكون جميعا مسؤولين “أو” سنموت كلنا ونذهب إلى الجحيم!”.
من ناحيتها، تحدثت شرطة لاغوس التي يقطنها 20 مليون ساكن، مع الناس بمكبرات الصوت لمحاولة حضّهم على تجنب الذهاب إلى الكنائس التي عادة ما تكون مكتظة في نيجيريا أيام الأحد.
وتبقى التداعيات الاقتصادية لكوفيد-19 القنبلة الموقوتة التي تهدد العالم.
وتحرّكت الولايات المتحدة في هذا الصدد للسماح للبنك المركزي بإقراض الشركات مباشرة.
وتم تخصيص أربعة تريليون دولار كسيولة للأعمال التجارية التضررة من كورونا المستجد، وهو مبلغ غير مسبوق يعادل خمس الثروة التي ينتجها الاقتصاد الأميركي سنويا.