سجلت الصادرات الصينية تراجعا حادا في أول شهرين من العام تحت وطأة المخاوف من فيروس كورونا المستجد الذي شل النشاط الاقتصادي وعرقل سلسلة الإمدادات في العالم. وانهارت الصادرات الصينية نسبة 17,2 بالمئة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، في أكبر تراجع لصادرات العملاق الآسيوي منذ فبراير 2019 خلال النزاع التجاري مع الولايات المتحدة.
وتراجعت الواردات بنسبة 4 بالمئة، بحسب البيانات التي أعلنتها الجمارك الصينية السبت. وكان خبراء اقتصاد استطلعت وكالة بلومبرغ آراءهم توقعوا تراجعا أقل في الصادرات مرجحين أن يصل إلى 16,2 بالمئة، لكنهم توقعوا في المقابل تراجعا أكبر في الواردات بنسبة 16,1 بالمئة.
وسجلت أولى الإصابات بفيروس كورونا المستجد في ديسمبر في مدينة ووهان بمقاطعة هوباي وسط الصين، ما دفع بالسلطات إلى عزل المنطقة الصناعية المهمة التي يسكنها 56 مليون شخص اعتبارا من أواخر يناير. وسدّدت التدابير المتخذة لاحتواء المرض الذي أودى بأكثر من 3 آلاف شخص في الصين. ومنها قيود على التنقل وفرض الحجر الصحي، ضربة لليد العاملة وشبكات الإمداد.
وفي ظل هذه الظروف، تقلص الفائض في الميزان التجاري الصيني مع الولايات المتحدة، الذي يمثل نقطة رئيسية شائكة في النزاع التجاري بين البلدين، بنسبة كبيرة بلغت 40% في الشهرين الأولين، من 42 مليار دولار العام الماضي إلى 25,4 مليار.
وهذه المرة الأولى التي تنشر فيها السلطات الصينية بيانات تجارية مدمجة عن شهري يناير وفبراير. ويتماشى الإجراء مع كيفية إصدار بعض المؤشرات للتخفيف من الفوارق بعد فترة عطلة، لكن الوضع هذه المرة غير عادي بسبب الوباء.
وذكر جوليان إيفانز-بريتشارد من مركز الأبحاث كابيتال ايكونوميكس في تقرير الجمعة أن دمج بيانات يناير وفبراير يعني أن “نسبة النمو التي نشرت لا تعكس تماما حجم الضعف في الفترة الأخيرة”.
ويعود ذلك لكون اضطرابات النشاط التجاري تركزت في غالبيتها في فبراير، مضيفا أن التراجع الأخير في التجارة كان “أكبر” مما تشير له البيانات على الأرجح. وذكر خبير الاقتصاد لدى موديز اناليتيكس شو شياوشون لوكالة فرانس برس السبت أن التراجع سيستمر على الأرجح في قسم من مارس.
وقال أن “بيانات دقيقة مثل استهلاك الفحم والطاقة. وكذلك استخدام المترو، تشير إلى أن العمال يعودون ببطء إلى أعمالهم”.
ومن شأن تفشي الوباء خارج الصين، في كوريا الجنوبية وأوروبا مثلا، أن يلحق مزيدا من الضرر بالصادرات الصينية نظرا لأن الطلب الخارجي سيكون أضعف، وفق شو.
وفي مؤشر آخر ينذر بالانعكاسات الاقتصادية المرتقبة، تدهور نشاط قطاع التصنيع الصيني في فبراير إلى أدنى نسبه. وكذلك النشاط غير التصنيعي. ومع انتشار فيروس كورونا المستجد في أنحاء العالم، لن يكون التباطؤ الاقتصادي الصيني فقط ما يرخي بثقله على النمو العالمي الذي يمكن أن يتقلص في الربع الأول.
وقال معهد أكسفورد إيكونوميكس في تقرير الجمعة “ما بدأ كصدمة إمدادات في الصين تحول إلى شيء أكثر خطورة”. وتلقي اضطرابات النشاط التجاري بشكوك حول قدرة الصين على الوفاء بجانبها من الاتفاق التجاري الجزئي الموقع مع الولايات المتحدة في يناير، والذي التزمت بكين فيه بزيادة مشترياتها من السلع والخدمات الأميركية بمقدار 200 مليار دولار، غير أن السلطات الصينية شددت على أن تداعيات الفيروس ستكون “قصيرة الأجل” وأعلنت عن سلسلة من إجراءات الدعم.