تراجع النشاط التصنيعي في الصين في فبراير إلى أدنى مستوى يسجله حتى الآن لمثل هذا الشهر، وفق ما أظهرت بيانات رسمية السبت لتؤكد الضرر الكبير الذي ألحقه فيروس كورونا المستجد بثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وجاءت البيانات في وقت يواصل الوباء انتشاره في مزيد من الدول متسببا بتراجع البورصات هذا الأسبوع إلى أدنى مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، وسط مخاوف من احتمال أن يعيث الفيروس الفوضى في الاقتصاد العالمي.
وكان المحللون قد حذروا بأن نمو الاقتصاد الصيني سيتعرض على الأرجح لضربة كبيرة خلال الفصل الأول. والأرقام الصادرة السبت تعطي لمحة أولية عن حجم الأضرار التي تسبب بها الفيروس على القطاع الصناعي في أنحاء البلاد.
وتدنى مؤشر مديري المشتريات لشهر فبراير إلى 35,7 نقطة في فبراير. وهو مؤشر يشير إلى توسع النشاط أن كان يتخطى 50,0 نقطة. وإلى انكماش أن كان أدنى من هذا الحد.
وهذه الأرقام أدنى بالمقارنة مع 50,0 في يناير. والأسوأ منذ أن بدأت الصين في تسجيل هذه البيانات في 2005، كما أنها أدنى من متوسط توقعات المحللين الذين استطلعتهم وكالة بلومبرغ للأنباء المالية.
وبلغ 45,0. وهذا أول مؤشر اقتصادي رسمي ينشر لشهر فبراير. ويظهر التداعيات المدمرة للوباء على الاقتصاد الصيني. والمرجح أن تُسجل في سائر أنحاء العالم.
وقال مكتب الإحصاءات أن القطاعين الأكثر تضررا هما قطاعا السيارات والتجهيزات المتخصصة، لكن الوطأة جاءت “بشكل أكبر” في غير قطاعات التصنيع. وقال المكتب في بيان “حصل تراجع في الطلب على صناعات المستهلك المتعلقة بتجمعات الناس مثل النقل والإيواء والسياحة وخدمات تزويد الطعام”.
وتدهور النشاط غير التصنيعي ليسجل 29,6 نقطة في فبراير، مقارنة ب 54,1 نقطة في يناير. وقال كبير الخبراء الاقتصاديين حول الصين في مجموعة نومورا المالية لو تينغ في تقرير بحثي أن “الحقيقة قد تكون أسوأ بسبب التحريف الكبير لبيانات مؤشر مديري المشتريات”.
وتوقع أن يكون مؤشر مديري المشتريات أدنى من 33,0 بسبب اضطراب الإمدادات الناجم عن القيود على السفر.
واتخذت السلطات تدابير بالغة الشدة لاحتواء انتشار وباء كوفيد-19، من ضمنها فرض قيود على حركة التنقل وإغلاق “مؤقت” لمصانع عبر البلد وفرض الحجر الصحي على مقاطعة هوباي “وسط” التي تعد مركزا صناعيا وحيث ظهر الفيروس في ديسمبر، غير أن الحكومة شجعت الشركات على استئناف العمل تدريجيا في وقت يتراجع عدد الإصابات اليومية الجديدة منذ عشرة أيام.
وقال مكتب الإحصاءات “إن كان الوباء. . انعكس بشكل أكبر “مما كان متوقعا” على إنتاج وعمليات الشركات الصينية، فيبدو أنه بدأ يصبح تحت السيطرة. والوطأة على الإنتاج تتقلص تدريجيا”.
وكانت الشركات الصغيرة والمتوسطة الأكثر تضررا، وفقط 43 بالمئة من المصنّعين الصغار والمتوسطي الحجم استأنفوا عملهم اعتبارا من 26 فبراير، وفق ما ذكرت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الخميس.
وقال كبير قسم الباحثين والمخططين في بوكوم انترناشونال هونغ هاو أن “الصين تعمل ب20 بالمئة من قدرتها، لذا الأمر لا يبعث على المفاجأة. وستسجل أدنى مستوى للعام”، مضيفا “السؤال الآن يتعلق بالسرعة التي يمكن فيها للناس أن يعودوا إلى العمل ومدى ضمان سلامتهم، لكن من المرجح تسجيل تحسن في مارس”.
ومن المتوقع أن يتقلص الاقتصاد الصيني بنسبة 2 بالمئة مقارنة بالفصل الذي سبقه، وفق كبير خبراء الاقتصاد حول الصين في مركز الأبحاث إيه، إن، زد ريموند يونغ في مذكرة.
وسيتراجع معدل نمو إجمالي الناتج المحلي ليسجل 4,1 بالمئة مقارنة ب6,1 بالمئة العام الماضي في غياب إجراءات تحفيز حكومية. وفق يونغ. وقال “الحكومة وجهت المساعدة إلى القطاعات والمؤسسات المتضررة بدلا من استخدام إجراءات تحفيز”، مضيفا “نظرا للاستجابة المترددة فمن غير المرجح أن تكرر الصين سيناريو ما بعد الأزمة المالية عندما طرحت السلطات رزمة تحفيزية بقيمة 4 ترليون يوان”.