لأكثر من عقد من الزمن ، قام سائق سيارة الأجرة إينوموتو البالغ من العمر 43 عامًا بتصوير تغيير خصائص و شكل مدينتي طوكيو ويوكوهاما من سيارته كلما تحولت إشارات المرور إلى اللون الأحمر ، أو أثناء انتظاره للراكب التالي.
في إحدى الصور ، تلميذتان على دراجات يركبان عبر معبر حمار وحشي بينما تطفو الأنوار من حولها مثل اليراعات.وفي مكان آخر ، تختفي امرأة في أحد شوارع يوكوهاما المضاءة بشكل خافت وعلى الجانبين تحيطه المتاجر.
يلتقط إينوموتو صورًا طوال مناوبته الليلة ، ثم يراكب لقطات متعددة فوق بعضها لتأثير يشبه الحلم بإضاءات مختلفة فتخرج الصور بلمحات أثيرية لأشخاص قبل أن يتلاشوا في عتمة الليل.
عرضت أعمال المصور كجزء من عرض جماعي في متحف طوكيو للتصوير الفوتوغرافي. كما قدم عروض فردية في مساحات أصغر ومستقلة مثل معرض كان في طوكيو.
على غرار أفكار الرسامين الأوروبيين مثل فنسنت فان جوخ وفرانسيسكو غويا توحي الصور بشعور الوحدة لسائقي سيارات الأجرة ، الذين يجوبون الشوارع مع الغرباء في اليابان حيث لا ينخرط السائق غالبًا في محادثة ما لم يتحدث الراكب أولاً.
تلتقط صور إينوموتو هذه التواصل الصامت والمؤقت مع الركاب أو حتى فقط المارة.
وقال إينوموتو: “أحب التقاط صور ركاب واشخاص لا أعرفهم عندما يمرون بسيارتي، إنهم بمثابة انعكاس لي لأنني أرى شيئًا مني في الشخص الذي يمر”.
نشأ إينوموتو في طوكيو ولكنه اختار العيش في يوكوهاما بدافع الحنين إلى عصر مضى. وقال إنه ينجذب إلى المباني الخشبية القديمة تلك التي لم تحل محلها قصور خرسانية معززة في المدينة المعرضة للزلازل. وهو ينجذب بشكل خاص إلى الأضواء الخضراء والنيون والأحمر التي تزين المتاجر والشوارع في منطقة التسوق بوسط مدينة يوكوهاما.
وقال اينوموتو ، الذي يبدأ نوبته في حوالي الساعة 11 صباحًا ويستمر في القيادة حتى الساعات الأولى من الصباح : “مشاهد طوكيو التي نشأت فيها قد ولت. يوكوهاما تذكرني بالجوانب القديمة في طوكيو التي لم تعد موجودة”.
لم يحصل إينوموتو على أي تدريب رسمي في مجال الفنون فقد بدأ التصوير كهواية عندما أعطته والدته كاميرا صغيرة في سن المراهقة.
لقد استخدمها لتصوير السماء والمناظر الطبيعية من نافذة شقتهما في طوكيو. وبعد أن عمل فترة في مطعم ومصنع لتصنيع الأغذية وشركة تصميم ، قرر إينوموتو قبل 15 عامًا التركيز على حرفته واعتقد أن قيادة سيارات الأجرة ستوفرله دخلًا ثابتًا مع السماح له بمتابعة شغفه بالتقاط المناظر الطبيعية الحضرية المتغيرة.
على مر السنين ، تدرب إينوموتو من خلال التجربة على طرق التصوير المختلفة واعتاد أن يسأل بعض الركاب عما إذا كان بإمكانه التقاط صورهم في نهاية كل رحلة. وفي حال أراد الراكب ذلك أظهر له الصورة على كاميرته الرقمية وأرسلها له بالبريد الإلكتروني، وتدريجيا أصبح إينوموتو غير راضي عن كيفية ظهور هذه الصور لذلك بعد عامين فقط ، فبم تكن الصورة تعبر بدقة عن جمالية ما يراه وكيف يراه عاد إلى التقاط لحظات عابرة وأصبح يرى العالم من شباك سيارة الأجرة.
ثم بدأ إينوموتو منذ عشر سنوات ، في تحرير الصور واللقطات الفردية التي التقطها ووضعها فوق بعضها البعض لخلق تأثير حالم. وقال إن الصور الناتجة أصبحت تلتقط بدقة كيف يرى المناظر الطبيعية والمعالم والأشخاص.
وقال إينوموتو: “كاميرات اليوم تلتقط كل شيء بدقة عالية ، لكنني شعرت أن هناك فرق بين ما التقطته مع الكاميرا من خلال ذاكرتي وأردت بتأثير الضبابية أن أعبر عما أراه في صورة واحدة”.