على مدار أشهر، تصدّر جو بايدن استطلاعات الرأي بين الناخبين الديموقراطيين. وكان نائب الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما يعد المرشّح الأوفر حظاً في مواجهة الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر المقبل، لكن بعد نكستي آيوا ونيوهامبشر، وحلول بايدن في المرتبتين الرابعة والخامسة على التوالي، يبدو أن ترشيحه يواجه مخاطر جدّية.
يوم الثلاثاء، لم ينتظر جو بادين نتائج الهزيمة المرتقبة، وغادر نيوهامبشر لحضور اجتماع عام في ساوث كارولاينا، وقال بادين “لم ينتهِ الأمر بعد، لقد بدأنا للتو”، في محاولة لإقناع الجمهور بأن نتيجة الـ 8% التي حصل عليها في نيوهامبشر ليست سوى معركة في حرب طويلة، على الرغم من أنها أتت بعد 8 أيام فقط من حصوله على أقل من 16% في ولاية آيوا.
لا شكّ أن الأمر مرتبط بديناميكيات الانتخابات الأميركية وقدرته على محو هاتين النكستين المتتاليتين، إلّا أن السياسي المخضرم “77 عاماً” سيجد من دون شكّ صعوبة في استمرار تقديم نفسه على أنه الديموقراطي الوحيد القادر على التغلّب على دونالد ترامب، بعد أن أطلق بايدن حملته الانتخابية باعتبار أنه “يقاتل من أجل روح الأمّة”، عاد وصدم المراقبين الأسبوع الماضي، إذ بدأ نقاشه الانتخابي الذي طال انتظاره بجملة تعبّر عن هزيمة، بقوله: “لقد تلقيت صفعة في ولاية آيوا، وربّما سأتلقّى صفعة أخرى هنا”.
لا شكّ أن هذه التصريحات تندرج ضمن استراتيجية يتبعها منذ أيام وتهدف إلى الحدّ من الأضرار، الهدف هو تقليل النتائج السلبية في الولايتين، التي لا يعكس ناخبوهما الواقع الأميركي نظراً لقلة تنوعهم، إذ يراهن بايدن على فوزه في نهاية فبراير في ولايتي نيفادا وساوث كارولاينا، مستفيداً من الدعم القوي الذي سيمنحه إياه السود الذين يشكّلون غالبية الناخبين الديموقراطيين في تلك الولاية، لكن على الرغم من ذلك يبدو أن الوضع بات أكثر خطورة، وبدأ الوقت ينفد منه.
ومنذ دخوله في سباق ترشيحات الديموقراطيين في أبريل، كانت هذه المرّة الأولى التي يتراجع فيها بايدن من المركز الأوّل في استطلاعات الرأي الوطنية، لصالح السيناتور المستقل بيرني ساندرز.
وفي حال تخلّى عنه الداعمون الماليون، لن يمرّ الكثير من الوقت قبل تعرّض حملته للخطر، لا سيّما أن الحملات الانتخابية تكلّف الكثير في الولايات المتحدة، إلى ذلك، باتت المنافسة أصعب الآن وسط الديموقراطيين المعتدلين.
ولا سيّما بين بيت بوتيدجيدج وآيمي كلوبوشار ومايكل بلومبرغ، – أطاحت به القضية الأوكرانية – كان الكثير من الديموقراطيين قلقين من ترشيح بايدن، حتى قبل دخوله في السباق الانتخابي.
ولا سيما بسبب الإيماءات الجسدية التي يقوم بها تجاه النساء، لكن السناتور السابق لأكثر من 35 عاماً والنائب السابق للرئيس لولايتين الذي لطالما أحاطت به هالة خاصة، نجح بتصدّر نتائج استطلاعات الرأي الوطنية إلى حين صدور نتائج آيوا، لعبت عوامل عديدة دوراً لصالحه.
وأبرزها شهرته الواسعة وشعبية الرئيس السابق باراك أوباما وخبرته السياسية الطويلة، بالإضافة إلى طباعه الجيدة وتاريخ عائلته، وكذلك استفاد بايدن، بشكل جزئي، من السهام التي أطلقها دونالد ترامب في محاولته تقديم نفسه على أنه الخصم القادر على ترويع المرشح الجمهوري، لكن هجمات الرئيس الأميركي ساهمت كذلك في إضعاف ترشيح بايدن، فوصفه حينا باسم “جو النائم” لا سيما وأنه يبدو أحياناً مرهقاً، إلى ذلك، ارتكب بايدن هفوة أخرى الثلاثاء حين قال “أعتقد أننا إذا وضعنا ميكي ماوس في مواجهة هذا الرئيس ستكون له فرصة للفوز”، من دون أن يدرك أن هذا التشبيه أضعف من رصيده، لا سيّما أنه الوحيد القادر على التغلّب على دونالد ترامب.
يضاف إلى ذلك، أن القضية الأوكرانية أضعفت بايدن وإن كانت دفعت مجلس النواب إلى طلب عزل ترامب بعد أن طلب من السلطات الأوكرانية فتح تحقيق بشأن بايدن وابنه هانتر العضو في مجلس إدارة شركة أوكرانية، في حين اتهم الديموقراطيون ترامب باستغلال منصبه لإضعاف بايدن، برأ مجلس الشيوخ الأميركي الرئيس في محاكمة العزل.
ويواصل ترامب والعديد من السياسيين الجمهوريين اتهام بايدن وابنه بـ”الفساد” من دون تقديم أي أدلة، فيما ينفي المرشح الديموقراطي هذه التهم بشدّة، إلّا أن هذه القضية زادت من قلق الديموقراطيين من وضع بايدن في مواجهة ترامب.