تخطو الرياضات الميكانيكية خطوات متسارعة نحو خفض الانبعاثات بهدف الحفاظ على البيئة، عبر سلوك مسار “أخضر” في ظل اتجاه عالمي لحماية المناخ، اكتسبت زخما في العام 2019.
ويتوقع أن تتعزز في 2020، انعكس هذا التسارع في مجالات مختلفة: رفع بطل العالم البريطاني لويس هاميلتون راية السائق الصديق للبيئة، وتسعى الفورمولا واحد إلى تقليص انبعاثات الكربون بحلول عام 2030، بطولة العالم لـ “فورمولا إي” المخصصة للسيارات الكهربائية تستقطب العديد من الصانعين.
وبطولة العالم للدراجات النارية ستطلق نسختها الكهربائية الأولى في 2020، ويقول فيليبي كالديرون، الرئيس السابق للمكسيك والحالي للجنة البيئة والتنمية المستدامة التابعة للاتحاد الدولي للسيارات “فيا”، أن “الوسيلة الوحيدة لاستمرار رياضة السيارات والسباقات تكمن في مراعاة ما يجري في العالم، لا يمكننا أن نواصل تلويث “البيئة” وكأن شيئا لم يكن، في حال أردنا أن نجذب الأجيال الشابة، يجب أن نكون مسؤولين” حيال البيئة.
ويرى المسؤول عن اللجنة التي أنشئت قبل عامين، أن “المصدر الرئيسي لهذه الحركة هو ضغط الرأي العام، وخاصة بعد مؤتمر المناخ الدولي في باريس عام 2015″، متابعا “الأقطاب المؤثرون، وخاصة الشركات، يتحملون مسؤولياتهم، ولكنهم يدركون أيضاً وجود تغير جذري في خيارات المستهلكين ويحاولون الحصول على حصتهم في السوق من الشبان”.
إحدى أكبر الدلالات على تبدل الزمن حصلت في 2018، إذ شهدت النسخة السادسة من بطولة العالم لـ “فورمولا إي” المخصصة للسيارات الأحادية المقعد الكهربائية مئة بالمئة، مشاركة قياسية مع 10 صانعين بينهم أسماء كبيرة مثل مرسيدس وبورشه وأودي و وبي أم دبليو، من جهته، اتخذ الصانع الألماني فولكسفاغن الذي تلوثت سمعته بفضيحة التلاعب بمستوى الانبعاثات من محركات الديزل لسياراته في الولايات المتحدة الأميركية، خطوة مهمة بعدما أعلن في نوفمبر الماضي انسحابه من بطولات السيارات العاملة بالوقود.
وجد هذا المسار أفضل ممثل له بشخص بطل العالم للفورمولا واحد ست مرات هاميلتون الذي يتغنى بحملاته لحماية البيئة والحيوانات منذ 2017، أثار سائق مرسيدس المتوج في 2019 بلقبه الثالث تواليا والسادس في مسيرته، جدلا بعدما انتقد عبر مواقع التواصل، الزراعة المكثفة وكلفتها على البيئة، ليقابل بردود اللاذعة على خلفية دوره السلبي في حماية البيئة، بسبب نشاطه المهني ورحلاته المتعددة، لكن البريطاني قابل ذلك بالقول “أن تكون جزءا من المشكلة ليس الأهم، بل أن تكون جزءا من الحل”، لم ينحصر التوجه البيئي بالسيارات.
وبحسب رئيس الاتحاد الدولي للدراجات النارية جورج فييغاس، تشغل رياضات المحركات دورا محوريا في عالم اليوم “ولهذا السبب علينا أن نمهد الطريق”، أطلق اتحاد الدراجات “فيم” في العام 2013، برنامجا للتوعية على التنمية المستدامة.
وفي إطاره، ستنظم بطولة للدراجات الكهربائية كبطولة مساندة للفئة الأولى “موتو جي بي”، بمشاركة صانع وحيد هو “إينيرجيكا”، ويوضح فييغاس “هذه هي الطريقة التي بدأنا من خلالها بتمهيد الطريق ولكننا نعتمد كثيرا على الصانعين الذين شرعوا في تطوير محركات كهربائية، لكننا نواجه مشكلة لا تعاني منها السيارات: وزن البطاريات”. سلكت بطولات مسارا كهربائيا بشكل تدريجي في الأعوام الماضية: محركات هجينة في الفورمولا واحد منذ 2014، وفي بطولة العالم للتحمل منذ 2012، وبطولة العالم للراليات بدءا من 2022، ومحركات كهربائية مئة بالمئة في الفورمولا إي منذ 2014، وبطولة العالم لـ “موتو إي” “دراجات” بدءا من 2020، وفي سياق موازٍ، تكتشف الحلبات مسارات أخرى مع استخدام الوقود الحيوي وخاصة الهيدروجين.
وسيطال تطوير السباقات “بيئيا”، منافسات بطولة ألمانيا للسيارات سوبر السياحية “”دي تي أم””، بحسب مديرها النمسوي غيرهارد بيرغر، ومع اتجاهها للاعتماد على سيارات كهربائية مستقبلا، يؤكد السائق السابق للفورمولا واحد “هذه هي المساهمة التي يمكننا ونريد تقديمها”.
من جهته، يرى المفوض العام لجمعية “التحرك من أجل البيئة” الفرنسي ستيفان كيركهوف أنه “بغض النظر عن المحرك، أن كان كهربائيا أو هجينا فإن الهدف هو تقليل الانبعاثات”.
وتابع “نظرا لأن هدف الرياضات الميكانيكية هو سرعة أكبر وسيارات أقوى، سيؤثر ذلك حتما على استهلاك العربات، نحن نُسخف عدم كفاءة الطاقة”، “على جميع الرياضات أن تعيد التفكير”، المفارقة في كل ما تقدم، أن السباقات لا تعتبر في ذاتها المصدر الأكبر للتلوث المرتبط برياضة السيارات، بل يشمل ذلك أمورا عدة على الهامش، فمن أصل 256551 طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الفورمولا واحد خلال 2019، ترتبط نسبة 0,7 بالمئة فقط بالمحركات، بينما تتوزع النسبة المتبقية على نشاطات أخرى على الحلبات “7,3 بالمئة”، ونقل المعدات “45 بالمئة”، والسفر “27,7 بالمئة”، وعمليات المكاتب والمصانع “19,3 بالمئة”.
بحسب أرقام نشرت في نوفمبر، لهذه الأسباب، أعلنت الفئة الأولى لرياضة السيارات عزمها خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل كبير عن طريق اعتماد “الخدمات اللوجستية ووسائل نقل فائقة الكفاءة، إلى المكاتب والمنشآت والمصانع التي تعمل بطاقة متجددة بنسبة 100 بالمئة”، ومع الخطوات الأولى للسيارات والدراجات على المسار البيئي، يرى معنيون أن المشكلة لا تزال أكبر، وتتعدى رياضات السرعة، ومنهم نيكولا بروست، نجل بطل العالم السابق للفورمولا واحد أربع مرات الفرنسي ألان.
ويقول السائق السابق لـ “فورمولا إي” والمشارك في “كأس أندروز”، وهي بطولة تقام على مسارات ثلجية وجليدية كانت مهد اطلاق السيارات الكهربائية عام 2009، “ثمة العديد من الرياضات التي تلوث بطريقة مختلفة، ويجب عليها جميعها أن تُعيد التفكير، وأن تكون صديقة أكثر للبيئة”.