في السادس من نوفمبر 2004، قتل تسعة جنود فرنسيين ومدني أميركي في بواكيه عاصمة التمرد، في غارة جوية شنها جيش ساحل العاج الموالي للوران غباغبو، في واحدة من أهم المحطات في الأزمة التي استمرت عقدا في هذا البلد.
– تظاهرات معادية لفرنسا –
كانت ساحل العاج حينذاك مقسومة منذ 2002 في حين تحاول حركة تمرد مؤيدة للحسن واتارا الإطاحة بلوران غباغبو، وفي هذه الأجواء المتوترة نشرت فرنسا مهمة ليكورن التي كان هدفها رسميا حماية الرعايا الفرنسيين ومحاولة إحلال الاستقرار في البلاد، قبل يومين من القصف، في الرابع من نوفمبر 2004، شنت قوات غباغبو هجوما لمحاولة استعادة بواكيه ثاني مدن البلاد.
وفي الشمال، شنت عمليات القصف في السادس من نوفمبر طائرتان من طراز “سوخوي” تابعتان لجيش غباغبو يقودهما اثنان من المرتزقة البيلاروس.
ورد الجيش الفرنسي بتدمير القسم ألأكبر من طيران ساحل العاج ما أدى إلى فشل هجوم القوات الموالية لغباغبو التي حرمت من كل دعم جوي، جرت تظاهرات معادية للفرنسيين وتجاوزات في جنوب البلاد وخصوصا في أبيدجان، ما أدى إلى رحيل نحو ثمانية آلاف فرنسي، في حدث غير مسبوق في ساحل العاج أفضل حليف لفرنسا في إفريقيا منذ استقلال المستعمرات وحتى تسعينات القرن الماضي.
في التاسع من نوفمبر، فتح جنود فرنسيون النار على متظاهرين في فندق “إيفوار” في أبيدجان، اتهمت حكومة ساحل العاج الجيش الفرنسي بقتل نحو ستين من مواطنيها، بينما تحدثت فرنسا عن سقوط عشرين قتيلا، سبب حادث إطلاق النار هذا صدمة جديدة.
– إفراج غريب عن مرتزقة –
ازدادت القضية تعقيدا مع توقيف الجيش الفرنسي في مدينة ياموسوكرو 15 من المرتزقة الروس والبيلاروس والأوكرانيين ثم الإفراج عنهم بعد أربعة أيام.
وفي 16 نوفمبر أوقف ثمانية بيلاورس في توغو بينهم الطياران اللذان قادا طائرتي السوخوي.
وقد وضعوا بتصرف السلطات الفرنسية لكن أفرج عنهما، رأى البعض أن فرنسا تقف وراء ذلك.
وقال المحامي الفرنسي للضحايا جان بالان لصحيفة “لوتان” المعارضة في ساحل العاج الجمعة أن “قضية بواكيه كانت تلاعبا فرنسيا، تلاعب أدى إلى سقوط قتلى بدون أن يكون ذلك في الحسبان”، مضيفا أن “الهدف كان إيجاد وضع يؤدي إلى رد واسع يسمح بالقيام بانقلاب على غباغبو وتنصيب واتارا في مكانه”.
وخلال الأزمة التي تلت الانتخابات الرئاسية في 2010، دعمت فرنسا قوات واتارا لتوقيف غباغبو الذي كان يرفض الاعتراف بهزيمته في الاقتراع.
– القضاء الفرنسي –
ردا على أسئلة عن النقاط الغامضة، وأشار ماكرون إلى الإجراءات القضائية الجارية، قائلا “لا يعود لي أمر تحديد الوقائع التي تخضع لتحقيق قضائي متواصل”.
خلال التحقيق في قصف بواكيه، درست قاضية التحقيق الفرنسية سابين خيريس دور ثلاثة وزراء في الثغرات التي سمحت بالإفراج عن المرتزقة، والوزراء الثلاثة هم ميشال اليو ماري “الدفاع” ودومينيك دو فيلبان “الداخلية” وميشال بارنييه “الخارجية”.
وبعد سنوات، اسقط القضاء الفرنسي في مايو 2019، الملاحقات ضد الوزراء السابقين، لكن القضية ما زالت جارية إذ ستتم محاكمة مرتزق بيلاروسي سابق يدعى يوري سوشكين، وضابطين من ساحل العاج متهمين بقيادة الطائرتين كطيارين أو مساعدي طيار، وهما باتريس وي وأنج ماغلوار غاندييه أتوالي.
وقد أحيلا في السابع من يناير إلى محكمة الجنايات في باريس بتهم “القتل ومحاولة القتل وتدمير ممتلكات”، وستجري المحاكمة غيابياً إذ إنهم مستهدفان بمذكرتي توقيف ولم يسلما إلى فرنسا.