أكد المشاركون في الندوة التي أقامتها مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بمناسبة الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية على ضرورة استثمار مصادر اللغة العربية ومعاجمها وآليات أقسامها نحوًا وصرفًا وضبطًا بالشكل من أجل تفعيل محتوياتها عبر الذكاء الاصطناعي بشكل أرحب وأوسع .
ورأت الدكتورة هيفاء بنت محمد الفريح أستاذ الأدب بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الندوة التي حملت عنوان:” جماليات اللغة العربية والذكاء الاصطناعي” أن اللغة العربية لغة ثرية ، ولولا هذا الثراء ما ألفت كتب كثيرة في الفقه والرياضيات والعلوم والبلاغة والأدب خاصة في القرنين الثاني والرابع الهجريين.
وأكدت الفريح على أننا في حاجة لخطوات فعالة للغة العربية ودراستها فتراثنا – على حد تعبيرها – مليء بالمناجم ، وهناك كتب كثيرة تتحدث عن فضل اللغة وكيف نفعلها .
وقد استشهدت هيفاء الفريح في رؤيتها المقدمة للندوة بكتاب ” الخصائص” لابن جني فهو كتاب يُفلسف اللغة، ويقع في 1500 صفحة في ثلاثة أجزاء، ويتناول ضمن ما يتناوله تماس المفردات، والمجاز، وجماليات اللغة.
وركزت الباحثة على :” الاشتقاق الأكبر” في اللغة الذي طرحه ابن جني وسبقه في ذلك الخليل بن أحمد وأبو علي الفارسي، ويقوم على توزيعة الفعل الثلاثي وإبدال حروفه بحيث نحصل على (ست كلمات) بمعان مختلفة أو متقاربة.
وأوضحت الباحثة أن من يشتغل بعلم اللغة الحاسوبي يتسنى له أن يشتغل على فكرة الاشتقاق الأكبر وأن نستخرج من لغتنا العربية ما يفيدنا في علومنا الحديثة حيث من الممكن استخدام جذور اللغة لإنشاء معاجم جديدة ، منوهة بمصطلح:” شجاعة العربية” الذي أطلقه ابن جني في كتابه مشيرا إلى أن اللغة تحتاج إلى شجاعة في كتابتها من حيث الحذف والتقديم والتأخير والمجاز.
وأشارت إلى كتاب :” فقه اللغة وسر العربية ” للثعالبي، وكتاب:” اللغة الشاعرة” لعباس محمود العقاد كاشفة في نموذج شعري للشاعر بدوي الجبل عن بعض جماليات اللغة العربية ودلالاتها المتنوعة.
من جهته بين الدكتور عبدالمحسن بن عبيد الثبيتي الأستاذ بالمركز الوطني للذكاء الاصطناعي بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم التقنية أننا في حاجة إلى مصدر لغوي جديد لحوسبة اللغة وتكوين مدونة شاملة لحوسبة اللغة، فالذكاء الاصطناعي من علوم الحاسب ويهتم ببناء أداة يتدخل فيها الذكاء الإنساني فقراءة النص المكتوب مثلا تحتاج إلى ذكاء بشري كذلك تشكيل النصوص وضبطها تحتاج إلى ذكاء بشري، ويركز الذكاء الاصطناعي على أربعة مفاهيم هي: التعلم، والتواصل والإدراك والاستنتاج.
وأوضح أن ما يهم الباحث في هذا المجال هو اللسانيات الحاسوبية ومعالجة اللغة الطبيعية، وهو مجال علمي يعنى باللغة المكتوبة أو المنطوقة من منظور حاسوبي ، وبناء نماذج حاسوبية للغة يؤدي إلى فهمنا وإدراكنا للغة وهذا يساعدنا على تمثل الأجهزة الصناعية، لكن تبقى هناك بعض العوائق من جهة دلالات الكلمات ومعانيها وتشكيلها ومبناها الصرفي ، ودعا الدكتور الثبيتي إلى بناء مصدر عربي موحد مرجعي يشكل تغطية على مستوى النص والجملة والكلمة .
وركزت مداخلات الحضور على تدريب الأجيال المقبلة على التحدث بالعربية بشكل مبسط وميسّر وأن حوسبة المدونات اللغوية تحتاج إلى استراتيجية وطنية ، فيما دعا البعض إلى تطوير المقررات الدراسية ووضع النصوص العربية التي تحتوي على جماليات اللغة خاصة في الشعر والأدب.