بعدما صادق على نهاية الفرنك الإفريقي، يختتم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحد رحلته التي استمرت 48 ساعة في ساحل العاج بزيارة لمدينة بواكيه عاصمة المتمردين السابقة، قبل أن يتوقف في طريق عودته إلى باريس، في نيامي عاصمة النيجر الحليفة في مكافحة الجهاديين.
وفي إطار تركيزه على التعاون، سيضع ماكرون حجر الأساس لسوق ثم سيقوم بتكريم الجنود الفرنسيين الذين قتلوا في 2004 في بواكيه ويجري محادثات مع رئيس النيجر محمدو يوسفو.
وبواكيه ثاني مدن ساحل العاج، شهدت مجزرة خلال الأزمة في هذا البلد في نوفمبر 2004 قتل فيها تسعة جنود فرنسيين في قصف من قبل جيش ساحل العاج. وهو ملف ما زالت نقاط الغموض فيه كثيرة.
– نسيان العصيان –
سيقوم ماكرون ورئيس ساحل العاج الحسن واتارا بتكريم هؤلاء القتلى في مراسم “يفترض أن تشكل الجزء الأكبر من عمل المصالحة التي تبدو ساحل العاج في أمسّ الحاجة لها والطريق الذي تتقدم عليه”، على حد قول ماكرون.
وسيتوجه الرئيس الفرنسي بعد ذلك إلى باحة سيتم بناء أكبر سوق مغطى في غرب إفريقيا عليها. وسيضم هذا السوق الذي تبلغ كلفته ستين مليون يورو وتموله فرنسا، 800 تاجر على نحو تسعة هكتارات. وتأمل سلطات فرنسا وساحل في أن تسمح هذه المنشأة بإنعاش النشاط الاقتصادي الذي كان مزدهرا في الماضي ونسيان ماضي بواكيه التي هزتها حركات عديدة للعصيان أو لتذمر العسكريين.
وسيتوجه ماكرون بعد ذلك إلى نيامي حث سيشارك في مراسم تكريم هذه المرة ل71 جنديا نيجريا قتلوا في هجوم على معسكر مؤخرا، لكن ماكرون سيجري خصوصا محادثات مع رئيس النيجر ويعد لقمة في مدينة بو التي يفترض أن تعقد في 13 يناير بحضور قادة بلدان مجموعة الدول الخمس لمنطقة الساحل.
وماكرون المتفق مع يوسفو الذي كرر دعمه للعملية العسكرية الفرنسية برخان، طالب مجددا حكومات الساحل بموقف “واضح” بشأن الوجود العسكري الفرنسي في المنطقة، محذرا “ما أتوقّعه منهم هو تحمّل المسؤولية، هو خطاب الحقيقة .. إذا لم يتم جلاء هذا الوضوح السياسي، فإنّ فرنسا ستستخلص منه كل العبر في بعض البلدان”، مضيفا “يجب أن تواكب العمل العسكري الذي نقوم به هناك شروط سياسية، كفاءتنا العسكرية تعتمد أيضاً على العمل السياسي الذي يقوم به كل طرف في ظلّ الحفاظ على سيادته، كما تعتمد على سياسات التنمية التي نقوم بها هناك أيضاً”.
وكان مصدر أمني ذكر لوكالة فرانس برس مؤخرا أن “ماكرون يستهدف عندما يتحدث عن الوضوح “الرئيس المالي” إبراهيم أبو بكر كيتا و”رئيس بوركينا فاسو” روش مارك كريستيان كابوري”.
ودعا ماكرون في الرابع من ديسمبر قادة منطقة الساحل إلى هذه القمة في بو، حيث يتمركز معظم الجنود الفرنسيين بعد مقتل 13 جنديا فرنسيا في مالي. وأثارت الدعوة بعض الاستياء إذ اعتبرها كثر “استدعاء” بينما يسود شعور متزايد بالعداء لفرنسا في المنطقة.
وبدا أن الرئيس المالي إبراهيم أبو بكر كيتا يلمح إلى هذا التوتر خلال مقابلة السبت مع قناة “تي في 5″، بتأكيده أن الدول الخمس المشاركة في قوة مجموعة الساحل ترغب في “شراكة محترمة ويسودها الاحترام”، قائلا “نحن في وضع يواجه فيه الأمن تهديدا في جميع أنحاء العالم”، مضيفا “لذلك من الجيد التفكير بالأمر بهذا الشكل وبكثير من التقدير والاحترام من كل الأطراف”.
وأخيرا، قدم الرئيس الفرنسي نفسه السبت على أنه باني عصر جديد من العلاقات مع دول إفريقيا الناطقة بالفرنسية، عبر إنهاء العمل بالفرنك الإفريقي، فقد أعلن رئيس ساحل العاج الحسن واتارا بحضور ماكرون أن ثماني دول في غرب إفريقيا وفرنسا قررت القيام بإصلاح واسع للفرنك الإفريقي الذي سيصبح اسمه الإيكو، قائلا “قررنا إصلاحا للفرنك الفرنسي يتمثل بثلاثة تغييرات كبرى “..” بينها تغيير الاسم” و”الكف عن إيداع خمسين بالمئة من الاحتياطي النقدي لدى الخزانة الفرنسية”، أما النقطة الثالثة فتتمثل بانسحاب فرنسا من “الهيئات الحاكمة التي تتمثل فيها”.
ووصف ماكرون هذه التعديلات بأنها “إصلاح تاريخ مهم”، موضحا أن “الإيكو سيولد في يناير 2020 وأرحب بذلك”، مضيفا أن الفرنك الفرنسي كان “ينظر إليه على أنه من بقايا” العلاقات الاستعمارية بين فرنسا وإفريقيا.