يخرج السودانيون إلى الشوارع الخميس احتفالا بمرور عام على حركتهم الاحتجاجية التي أسقطت عمر البشير في أبريل الماضي بعد حكم استمر لمدة ثلاثين عاما، وفي بلدة عطبرة في وسط السودان التي تعد مهد الثورة، يتوقع وصول المئات على متن قطار من الخرطوم للمشاركة في احتفالات البلدة التي شهدت أولى الاحتجاجات في ديسمبر 2018 عقب إعلان السلطات حينها زيادة أسعار الخبز.
وتنظم الحكومة الانتقالية مع تحالف الحرية والتغيير الاحتفالات هناك لتكريم آلاف المتظاهرين الذين انطلقوا بطريقة معاكسة من عطبرة إلى العاصمة خلال محطات رئيسية من الثورة.
واحتشد مئات من المحتجين في محطة قطارات شمال الخرطوم وسط أجواء من الغناء والرقص للتوجه إلى عطبرة “على بعد 350 كلم”، ما أجبر المنظمين على إعداد حافلات وقطار ثان بعد انطلاق القطار الأول كامل العدد.
وقالت لمياء عثمان التي وضعت علم السودان حول كتفيها مثل الكثير من زملائها إنها أرادت أن “تقول شكرا” للمحتجين الأوائل في عطبرة، وسيمكث ركاب قطار الخميس في عطبرة حتى الخامس والعشرين من الشهر الجاري ليعودوا إلى الخرطوم بعد أسبوع من الاحتفالات.
وفي الخرطوم ستنظم احتفالات في عدد من المناطق من بينها “الساحة الخضراء” التي أعيد تسميتها ب”ساحة الحرية”، وستكون المكان الرئيسي للاحتفال، وقالت هناء حسين “21 عاما” “سأتذكر أول أيام الاحتجاج تحت الغاز المسيّل للدموع والرصاص الحيّ الذي لم يوقفنا”.
وتابعت “الآن يمكننا النزول للشارع للاحتفال، أنه إنجاز كبير لثورتنا”، من جهتها قالت هناء حسين “21 عاما” “هذا الاحتفال لتذكّر الأيام الأولى لمظاهراتنا تحت الغاز المسيل للدموع والرصاص، والآن سنخرج للشارع محتفلين، هذا أمر رائع وأفضل نجاح لثورتنا حصولنا على حريتنا”، قائلا بيان أصدره رئيس وزراء الحكومة الانتقالية عبد الله حمدوك بداية الشهر الحالي أن “حكومة ثورة الشعب السوداني ستحتفل بالذكرى السنوية الأولى للثورة السلمية على امتداد شهر ديسمبر”.
واندلعت التظاهرات في ديسمبر 2018 في عطبرة إضافة إلى بورتسودان، الميناء الرئيسي الذي يقع على بعد ألف كيلومتر شرق العاصمة على البحر الأحمر، وفي النهود غرب الخرطوم، ووقعت أعمال عنف واشتباكات بين الشرطة والمحتجين توسعت على اثر ذلك رقعة الاحتجاجات في كل البلاد، بما فيها الخرطوم والمدينة التوأم لها أم درمان، ونتيجة لذلك أطاح الجيش بالبشير في شهر أبريل، قائلا بدر محمد “22 عاما” “بالنسبة لي هذا الاحتفال هو للتذكير بمطالبتنا الرئيسية بالعدالة لرفاقنا الذين استشهدوا أثناء التظاهرات، وأنا في هذه الاحتفالات سأحمل لافتة للمطالبة بالعدالة لهم”.
ووفقا للاتفاق الذي عقد في شهر أغسطس الماضي، فإن البلاد تدار بواسطة حكومة انتقالية برئيس وزراء مدني ومجلس سيادة مختلط من العسكريين والمدنيين، وحكم السبت الماضي على البشير الذي عزل في أبريل بتهمة فساد مالي، ويظل الرئيس السابق مطلوبا لدى المحكمة الجنائية الدولية في جرائم ارتكبت أثناء نزاع إقليم دارفور غرب البلاد والذي اندلع عام 2003.
ورحبت منظمة العفو الدولية في بيان صباح الخميس باحتفال السودانيين بثورتهم وقالت “الاحتفال يجسّد حقيقة انتهاء العنف ضد السودانيين ويفتح لهم الأمل بمستقبل افضل”، وتطالب منظمات حقوق الإنسان الدولية الحكومة الانتقالية “بالوفاء بالتزاماتها بإصلاح القوانين” وتسليم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية، وطالبت منظمة الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان الأربعاء الحكومة السودانية ب”القصاص لكل الضحايا بما في ذلك ضحايا العنف الجنسي”.
وبعد عام من بدء الاحتجاجات، ما زال الوضع الاقتصادي في البلاد يعاني من أزمة بمعدل تضخم بلغ 60% وفق لتقارير حكومية وضعف الاحتياطي من العملات الأجنبية، وظل السودان يرزح تحت عقوبات اقتصادية أميركية منذ عام 1997 وحتى 2017، لكن لم يستفد من رفعتها بسبب بقائه على قائمة واشنطن للدول الراعية للإرهاب والتي تحرمه من الاستثمارات الخارجية والتمويل الدولي، وقُتل العشرات أثناء الاحتجاجات التي انطلقت في ديسمبر 2018، وتؤكد منظمة العفو الدولية بأن العدد بلغ 177 قتيلا.