أغلقت قوى الأمن بالعوائق الإسمنتية طرقاً فرعية مؤدية إلى ساحات التظاهر الرئيسية في وسط بيروت الأربعاء، بعد تكرار أعمال شغب وصدامات مع القوى الأمنية، على وقع حركة الاحتجاجات المستمرة في البلاد منذ شهرين.
وتأتي هذه الإجراءات في ظل انقسام سياسي حاد، وعشية موعد استشارات يجريها رئيس الجمهورية ميشال عون مع الكتل النيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة، بعد تأجيل الموعد لمرتين جراء تعثّر التوافق على مرشح.
وشاهد مصور فرانس برس عوائق إسمنتية مستطيلة الشكل موضوعة منذ الصباح على مداخل عدد من الطرق الفرعية التي تؤدي إلى ساحة رياض الصلح ومحيطها، وهي الطرق التي عادة ما يسلكها مناصرو حزب الله وحركة أمل للوصول إلى ساحات التظاهر والتصادم مع المتظاهرين أو مع القوى الأمنية، على غرار ما جرى ليلتي السبت والاثنين.
وقال ضابط في وسط بيروت، لم يكشف عن اسمه كونه غير مخول بالتصريح، لوكالة فرانس برس الأربعاء، أن الهدف من هذه الإجراءات حماية ساحات التظاهر وضمان عدم تشتّت قوات الأمن إلى مجموعات في حال تجدد الصدامات، ما يخوّلها السيطرة أكثر على الوضع الأمني.
وحاول عشرات الشبان الذين قدموا سيراً على الأقدام من منطقة الخندق الغميق السبت دخول ساحة التظاهر، مرددين هتافات “طائفية” قبل أن تتصدى لهم قوات الأمن التي رشقوها بالحجارة والمفرقعات النارية، وأعادوا الكرّة ليل الاثنين، وتصادموا مع قوات الأمن والجيش على مدى ساعات، كما أحرقوا خيم المعتصمين وثلاث سيارات على الأقل كانت مركونة في وسط بيروت، احتجاجاً على تداول شريط فيديو لشاب متحدر من مدينة طرابلس شمالاً، يقيم خارج البلاد، تضمن إساءات.
وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيّل للدموع لتفريقهم، كما شهد وسط بيروت في عطلة نهاية الأسبوع مواجهات تعدّ الأعنف بين قوات الأمن والمتظاهرين ضد السلطة السياسية، الذين حاولوا دخول طريق يؤدي إلى ساحة النجمة حيث مقر البرلمان، وأوقعت هذه الصدامات عشرات الإصابات في صفوف المدنيين والعسكريين، غالبيتها حالات اختناق جراء الغاز المسيل للدموع وجروح نتيجة الرشق بالحجارة.
وتفادياً لمحاولات اقتحام جديدة، وضعت القوات الأمنية الثلاثاء حاجزاً حديداً ثابتاً في الشارع، وبينما شهد وسط بيروت هدوءاً نسبياً ليل الثلاثاء، هاجم عشرات الشبان من مناصري حركة أمل خيماً للمعتصمين في قرية كفرمان المحاذية لمدينة النبطية جنوباً، وفق ما قال شاهد عيان لفرانس برس.
و أحرق مجهولون ليلاً شجرة ميلاد وضعها المتظاهرون في مدينة طرابلس شمالاً، بحسب مراسلة فرانس برس.
ويشهد لبنان منذ 17 أكتوبر تظاهرات شعبية غير مسبوقة بدأت على خلفية مطالب معيشية، وبدا الحراك عابراً للطوائف والمناطق ولم يستثن حاكماً أو زعيماً بل يصر المتظاهرون على رحيل الطبقة السياسية كاملة، متهمين إياها بالفساد مع تحميلها مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي.
وتزيد المواجهات الأخيرة من تعقيدات الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعصف بلبنان، بينما تواجه القوى السياسية الخميس امتحان تسمية رئيس جديد للحكومة.
وبدا الحريري المرشح الأوفر حظاً، قبل أن يطلب الاثنين تأجيل موعد الاستشارات كونها ستؤدي إلى “تسمية من دون مشاركة أي كتلة مسيحية وازنة فيها” بعد توجه الكتلتين المسيحيتين الأبرز لعدم تسمية الحريري في بلد يقوم نظامه السياسي على المحاصصة الطائفية.