ينتشر على صفحات آلاف المستخدمين لموقع فيسبوك مقطع فيديو يدّعي ناشروه أنه يصوّر لحظة استهداف حراس أبو بكر البغدادي بواسطة طائرات مسيّرة أميركية، تمهيدا لعملية الكومندوس التي أدت إلى قتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية، لكن الحقيقة أن المقطع مستخرج من لعبة الفيديو الشهيرة “وسام الشرف” “ميدل أوف أونور”.
لحظة تصفية حرّاس البغدادي.. يستمر على مدى ثلاث دقائق وسبع وخمسون ثانية حافلة بالمشاهد القتالية المشوّقة بالأسود والأبيض، وكأنها ملتقطة من كاميرا مراقبة أو عدسة قناص، وتجري فيها تصفية عدد من الأشخاص بعضهم مسلّح الواحد تلو الآخر رميا بالرصاص وهم يحاولون الدفاع عن أنفسهم أو الاحتماء، فيما يسمع صوت شخصين يعلّقان على ما يجري عبر جهاز لاسلكي، بما يوحي بأنهما منفذي العملية، وبين الحين والآخر يسمع صوت طوّافة.
وأُرفق المنشور بتعليق جاء فيه “استهداف حراس أبوبكر البغدادي بطائرات أمريكية بدون طيار”، ويصف التعليق سير العملية بالقول “تمّ إطلاق النار من مسافة بعيدة جداً من فوق السحاب حيث أنهم لم يتمكنوا من تحديد مصادر إطلاق النار”، ويشير إلى أن الوقائع التي يصوّرها الفيديو جرت “قبل لحظات من بدء عملية مداهمة مقر أبو بكرالبغدادي”، ويختم المنشور مقيّما العمليّة بالقول إن “حادثاً كهذا يجب الوقوف عنده من حيث التقنية المستخدمة والطريقة المتبعة”.
وبدأ انتشار المقطع بحسب ما وقع عليه فريق تقصي صحة الأخبار في فرانس برس، ونال على صفحة فيسبوك وحدها أكثر من خمسة آلاف مشاركة حتى تاريخ إعداد هذا التقرير.
وقتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب مقتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي في عملية نفذتها وحدة كوماندوس أميركية في إدلب الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة سابقا”، في شمال غرب سوريا. وأعلن قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيث ماكينزي أن البغدادي قتل مع اثنين من أطفاله عمرهما أقل من 12 عاما، حين فجر سترة ناسفة كان يرتديها في نفق لجأ إليه في محاولة للهرب من القوات الأميركية، فضلا عن مقتل أربع نساء ورجل في المجمّع.
وكان ترامب صرح من جهته أن البغدادي قتل مع ثلاثة من أولاده. وغداة الإعلان، أكدت تركيا أن أجهزة استخباراتها أجرت اتصالات “مكثفة” مع الأجهزة الأميركية ليلة العملية. ونشرت وزارة الدفاع الأميركية مقطعا مسجلا يظهر فيه جنود أميركيون يقتربون راجلين من مجمع محاط بأسوار عالية في شمال غرب سوريا، تمت محاصرة البغدادي فيه قبل اقتحامه. كما نشر البنتاغون تسجيل فيديو لغارات جوية على مجموعة من المقاتلين المجهولين على الأرض، فتحوا النار على مروحيات أميركية تقل الجنود الذين هاجموا مجمّع البغدادي في إدلب، بالاضافة إلى صور للمجمّع قبل وبعد الهجوم.
لكن المقطع المتداول لا علاقة له بمقتل البغدادي. فقد أرشد البحث عن لقطات الفيديو بعد تقطيعه إلى مشاهد ثابتة باستخدام موقع Invid، إلى الصور عينها كتب عليها “قناة: مرتضى العموري”. وقاد البحث عن هذا الاسم على يوتيوب إلى الفيديو الأصلي المنشور في 14 آب/ أغسطس 2017، أي قبل أكثر من عامين على إعلان مقتل البغدادي، بعنوان “أجمل مهمة قنص من بين أغلب المهمات وأكثرها واقعية من لعبة ميدالية الشرف”. لعبة “ميدالية الشرف” أو بالإنكليزية هي لعبة فيديو تتضمن مهمّات قتالية شيّقة تدور وقائعها في حقبات مختلفة. وصمّمت اللعبة شركة “إلكترونيك آرتس” التي تتخذ من ولاية كاليفورنيا الأميركية مقرا لها، ويمكن تشغيلها على جهاز “بلاي ستايشن”.