يجني مزارعو النخيل بالمدينة المنورة وضواحيها محصول هذا العام من تمر “العجوة” التي ارتبط اسمها بالمدينة المنورة، وتمثّل رمزاً اجتماعياً فريداً، وذات شهرة عالمية بوصفها ثمرة مباركة يحرص معظم ساكني طيبة الطيبة وزائريها على تناولها غذاءً وشفاءً.
ويلجأ العديد من المزارعين إلى تخزين التمور أو كميات منها لاسيما “العجوة” وحفظها في غرف تبريد خاصة، للمحافظة على جودتها بعد مرحلة الجني، وتمر تمرة العجوة بمراحل قبل النضوج، فبعد تكوّنها تتخذ لوناً أخضر ثم الأحمر وحينا تنضج يكون لونها أسوداً، ويتم توريد كميات منها إلى السوق، فيما يعمد بعض المزارعين إلى استقبال زبائنهم لشراء تمر “العجوة” من المزرعة بعد معاينته في النخلة مباشرة، للتأكيد على جودته وحداثة حصاده، ويتراوح سعر الكيلو أثناء موسم حصاد العجوة بين 10 ريال إلى 50 ريالاً للكيلو الواحد، بحسب الحجم والجودة وكمية الشراء، فيما يرتفع في باقي أشهر السنة، في حين يعدّ موسم رمضان الأكثر طلباً على تمر العجوة أسوة بغيره من التمور.
ولتمر “العجوة” قيمة غذائية عالية كغيره من التمور، ولها مكانة خاصة لدى المزارعين والمستهلكين، فبعد نضوجه واستوائه يبدأ المزارعون بجني محصول تمر “العجوة” عبر تصنيف حبّاتها بحسب حجمها وجودتها، حيث تصنّف تمور العجوة إلى درجات متفاوتة فيبلغ وزن حبة تمر العجوة المصنفة كدرجة ممتازة 9 جرامات ويعادل 55 حبة لكل 500 جرام، فيما يقدّر وزن تمرة العجوة المصنّفة من الدرجة الأولى 7 جرامات بواقع 71 حبة لكل 500 جرام، في حين يبلغ وزن تمرة العجوة المصنفة كدرجة ثانية 5 جرامات بواقع 100 حبة لكل 500 جرام.
ويشهد سوق ومواقع بيع التمور بالمدينة المنورة هذه الأيام توافد كميات وفيرة من تمور العجوة بشكل يومي، ورغم تدني حجم المبيعات مقارنة بالأعوام الماضية بسبب الظروف الاستثنائية المتعلقة بتعليق قدوم الحجاج والزائرين إثر جائحة كورونا إلا أن الطلب على العجوة يظل قائماً حيث يباع في محلات بيع التمور على مدار العام، وفي الغالب لا تخلو حقائب زائري المدينة المنورة من ” العجوة” الذي يباع بشكل تقليدي أو بتغليفه بأشكال وأحجام متفاوتة لحفظ هذا النوع من التمور.
ولثمرة “العجوة” فوائد كثيرة نظراً لقيمتها الغذائية، فمعظم محتواها من السكر على هيئة سكريات أحادية جلوكوز وفركتوز، كما تستمدّ أهميتها وبركتها من الجانب الإيماني ومنه أن يتناول سبع تمرات تنفيذاً للتوجيه النبوي، وتمر المدينة وعجوتها وفضيلة التصبّح بسبع تمرات منه، وتخصيص عجوة المدينة دون غيرها وعدد السبع من الأمور التي علمها الشارع ولا نعلم نحن حكمتها، فيجب الإيمان بها، واعتقاد فضلها، والحكمة فيها.
وللتمر عموماً وللعجوة خاصة فوائد جمة صحية جمّة، إذ أثبتت الدراسات المختبرية الطبية ما جاء في هذا التوجيه النبوي، والعلم يتوافق مع الإيمان في كل أحكام الشرع الحنيف، وهو مليّن طبيعي ممتاز يمنع الإمساك، ويقويّ العضلات، ويعالج فقر الدم، ويقوّي السمع والبصر، ويهدّي الأعصاب، والتمر يحتوي على كمية عالية من الألياف الغذائية، والمعادن الضرورية لصحة الجسم، مثل البوتاسيوم والمغنيسيوم، وتعادل ثلاث حبات تمر حصة فاكهة واحدة.
وتمثّل العجوة نسبة من عدد النخيل بمنطقة المدينة المنورة ومحافظاتها التي يقارب عدد أشجار النخيل بها 4 ملايين نخلة – تحتل المرتبة الثالثة على مستوى مناطق المملكة – وتبلغ مصانع التمور المنتجة في المدينة المنورة 14 مصنعاً، تنتج 9% من إجمالي إنتاج المملكة.
وتولي الجهات الرسمية والقطاع الاقتصادي بالمنطقة قطاع النخيل والتمور عامة عناية خاصة، وكذلك العجوة، نظراً للتنافسية العالية التي تميز هذا النوع من التمر، وتحديد أجود المواصفات لتمر “العجوة”، ووسائل حفظها وتخزينها، وبيان أفضل الممارسات والتعاملات الزراعية، وأساليب وبرامج التسميد والحصاد والريّ، وكيفية تطوير إنتاج العجوة وتحسينه، وتقديم الدعم للمنتجين ورواد الأعمال لتوليد المشروعات والوظائف في قطاع التمور عامة بالمنطقة، والاهتمام بإجراء البحوث العلمية، وإنشاء التطبيقات الإلكترونية لإثراء المحتوى الزراعي عموماً وتفعيل استخدام التقنية كنقاط بيع للتمور.